ان مثل هذه العناصر، والتي يوجد مثلها في الكويت كذلك، يجب ان لا تتمتع باية فرصة لتخريب العلاقة بين البلدين، وتاليا يجب ان لا تمنح حتى اصغر فرصة لتوتير المنطقة مرة اخرى، لان شعوبنا لا تتحمل اية مشاكل جديدة، فلقد آن الاوان لتتفرغ شعوبنا الى بناء الذات بعيدا عن المشاكل والتوتر السياسي والامني.
انني احذر العراقيين والكويتيين من مغبة اي دور قد تضطلع به مثل هذه العناصر المازومة، سواء كانت في العراق او الكويت، وبصراحة، فنحن غير مستعدين للتفريط بذرة من الجهود الجبارة والاستثنائية التي بذلها العراقيون والكويتيون، لطي صفحة الماضي الاسود الذي لازلنا نرتعش خوفا وهلعا كلما مرت ذكرياته امام نواظرنا.
ان نظام الطاغية صدام حسين لم يكن شخصا بقدر ما كان نهجا، فانا اخشى ان يكون صدام الشخص قد انتهى وولى الى مزبلة التاريخ، وبقي النهج السئ المنحرف الذي لا زال بعض العراقيين يتميزون به ويحنون اليه.
انه نهج الاستبداد والعدوان وعدم احترام الاخرين، ومنهم الجيران، انه نهج الازمة، فكلنا يتذكر كيف ان النظام البائد كان يفتعل الازمات، الداخلية حينا والخارجية في احيان اخرى، لانه لم يكن يعرف ان يعيش ويبقى في السلطة ويستمر في سياساته الرعناء الا في جو الازمة، وان ما يؤسف له حقا هو انه لا زال هناك من العراقيين من لم يتعض من التجربة المرة، فتراه يفتعل الازمة تلو الاخرى ليعيش في اجوائها ويحقق بعض المكاسب في ظلها، بل يظنون.
اي عراقي وطني هذا الذي يدعي انه يريد ان يستعيد سيادة العراق الكاملة، وفي نفس الوقت يعتدي على سيادة الاخرين، الكويت مثلا؟ او يهددها او يشكك فيها؟.
ان من يحرص على سيادة بلده يجب عليه في نفس الوقت ان يحترم سيادة البلدان الاخرى، فالسيادة واحدة لا تتجزأ، اليس كذلك؟.
السؤال الرابع:
ما هي مآخذ الحكومة العراقية على الحكومة الكويتية؟.
الجواب:
لست في الحكومة العراقية لاعرف مآخذها على الحكومة الكويتية، الا انني ساحاول ان اعبر عن رايي الشخصي الذي اعتقد بان العراقيين، او الكثير منهم، يودون التعبير عنه.
ان العراقيين، حكومة وشعبا، يودون ان تؤسس العلاقة الاستراتيجية مع الكويت، كذلك حكومة وشعبا، على اسس الاخوة وحسن الحوار والتاريخ المشترك والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
وهم يعتقدون بان ذلك لا يمكن تحققه الا اذا بنيت العلاقة على اسس رصينة من التفاهم والشفافية والمحبة وعدم فرض الامر الواقع والاكراه في اجبار احد على القبول بشئ.
وكلنا نعرف فان الكثير من المشاكل العالقة اليوم بين العراق والكويت لم يكن للشعب العراقي اي ذنب فيها، بل انها جاءت بسبب سياسات النظام البائد التي اضرت بالعراق وشعبه قبل ان تضر بالكويت وشعبها.
من هنا، ينتظر العراقيون ان تعيد الكويت النظر بمواقفها من هذه المشاكل، ليصار الى اعادة صياغتها للتوصل الى حلول اكثر صدقية في اجواء الاخوة وحسن الجوار والاحترام المتبادل والقناعة، بعيدا عن اجواء الانتقام والاكراه والفرض ومخلفات الماضي واخطائه وجرائمه.
لازال العراقيون يشعرون بالغبن من موقف بعض الكويتيين من مسالة الديون والتعويضات والحدود، وكلنا نعرف فان الديون الكويتية التي بذمة العراق لم يتسلمها الشعب العراقي، وانه لم يستفد منها ابدا، بل انها كانت نقمة عليه، اذ تحولت في فترة من الزمن الى وقود حرب شعواء شنها النظام البائد ضد الجارة الجمهورية الاسلامية في ايران، تلك الحرب التي دمرت العراق وراح ضحيتها ملايين العراقيين بين قتيل وجريح ومعوق ومفقود.
اما مسالة الحدود فان العراقيين يشعرون بان الترسيم فرض عليهم فرضا في ظرف سياسي وامني قاس مروا به جراء سياسات النظام الشمولي البائد، فلماذا عليهم ان يدفعوا ثمن غلطة لم يرتكبوها ابدا.
نتمنى ان يعاد النظر بكل ذلك، لنزيل كل القنابل الموقوتة المرمية في طريق العلاقات الاستراتيجية بين العراق والكويت، لنسير جميعا الى الامام مطمئنين وغير خائفين.
ان العراقيين على اتم الاستعداد لتقديم كل شئ من اجل مصلحة البلدين الجارين الشقيقين، ومن اجل تطمين الكويتيين الذين لازالت مخلفات الماضي عالقة في اذهانهم، بشرط ان تكون تضحيتهم عن قناعة ورضا وبكامل المودة والحب والصداقة والاخوة، وليس بالفرض والقوة والاكراه والتهديد.
انهم مستعدون للتضحية بقنطار عن طيب خاطر، ولكنهم غير مستعدين بالتضحية بفلس واحد بالاكراه.