محمد خليل الحوري Admin
المساهمات : 129 تاريخ التسجيل : 12/03/2008
| موضوع: الرأي الأخر والإتجاه المعاكس للحوار الديمقراطي ! الجمعة فبراير 13, 2009 11:00 am | |
| الرأي الأخر والإتجاه المعاكس للحوار الديمقراطي ! بقلم : محمد خليل الحوري من المسلم به بأن الحوار الديمقراطي ، هو أحد مرتكزات الديمقراطية الأساسية والمهمة جدا في تطبيق أبجديات الديمقراطية الحرة والنزيهة ، وبدونه تصبح الديمقراطية مجرد ضربا من ضروب الترفيه السياسي ، فلا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية ، إذا لم يتوفر المناخ الملائم والجو المناسب لتطبيق هذه الديمقراطية ، والتي يكون " الحوار الديمقراطي الحر " أحد أهم شروطها ومسببات وجودهـا .
ولسنا هنا بصدد تعريف الديمقراطية ، وما هو مفهوم الديمقراطية المتعارف عليه في مختلف الدول ، ولدى مختلف الإتجاهات ، وما مدى التطبيق الفعلي والعملي لهذه الديمقراطية ، وما هي التجاوزات والتفسيرات المختلفة لهذه الديمقراطية ، في الدول التي طبقت ومارست الديمقراطية ، في شتى المجالات المختلفة وعلى مدى قرون ، وهي ما تعرف بدول الديمقراطيات العريقة .
ولكننا أردنا توضيح بعض السلبيات والمساوئ الناتجة عن التطبيق الخاطئ لمفهوم الحوار الديمقراطي ، والأضرار الكبيرة التي تنجم من جراء ذلك .
إن قمة الديمقراطية ، بغض النظر عن ماهية هذه الديمقراطية ، والإختلاف الشاسع لدى الناس عن مفهوم أو تعريف الديمقراطية حيث تتداخل المصالح والمنافع الشخصية تارة ، وربما الظروف والضغوط المتنوعة والمختلفة وما يهدف من وراءها تارة أخرى في قلب الأمور رأسا على عقب ، في تفسير وتطبيق وممارسة الديمقراطية بالشكل الذي يتوافق وتلك الأهداف والمصالح ، وما يتماشى مع مصلحة المتنفذين وأصحاب القرار في أي بلد كان .
فمن يتشدق بالديمقراطية ، ومن يدعي بأنه ديمقراطيا - قلبا وقالبا - عليه أن يكون حضاريا متفها ومتنورا ، يتمتع بروح رياضية عالية ، ويتقبل النقد الهادف البناء ، والرأي الأخر والإتجاه المعاكس والمخالف ، ويحاور بإسلوب حضاري بعيدا عن المهاترات والعصبية ، وعدم السيطرة والإنفعال المشحون بالغضب والمزاج المتعكر ، ويجب التمتع بإسلوب وأدب الحوار .
والإبتعاد وتجنب إستخدام الأساليب غير الحضارية والملتوية ، من شتم وقذف وسباب ، وربما إستخدام قبضة اليد ووسائل أخرى ، للرد على الطرف الأخر ، لكون هذا الشخص لم يتحمل أو يتقبل الرأي الأخر ، المخالف له في الرأي والمعاكس له في الإتجاه ، وسرعان ما يتحوّل هذا الحوار إلي معركة حامية الوطيس ، بإستخدام السكين والساطور ، وربما السلاح الناري وغيره ، كما نشاهد ونسمع ذلك في الكثير من الدول النامية وغير النامية .
والأنكى من ذلك ما يحدث في البرلمانات والتي من المفروض على كل من يدخلها أن يتحلى بقمة الديمقراطية وضبط النفس ، مهما كان الطرف الأخر ، أو الرأي الأخر لاذعا إستفزازيا وهجوميا ويفتقر إلى أبسط أشكال الحـوار الديمقراطي ، لكونه لا يمثل نفسه فحسب وإنما هو يمثل شريحة كبيرة من الناس .
وقد تتطوّر تلك الحالة من فرد إلى أفراد ومن مجموعة أو حزب إلى مجموعات أو أحزاب ، وهنا تتصاعد المواجهة ، وتتطوّر الآليات المستخدمة في هذه المواجهة ، فتصمت وتسكت لغة الحوار ، وبالتالي تتكلم فوهات البنادق والمدافع والدبابات وغيرها من الأسلحة ، فتزهق الأرواح وتتساقط الضحايا ، وتقع الخسائر وتزداد الأضرار ، ويظل تأثيرها النفسي والمعنوي على مدى السنوات والدهور .
وكذلك عندما تفشل المباحثات والمفاوضات بين الدول نتيجة لضياع وفشل إسلوب الحوار الديمقراطي الحر ، تتحوّل تلك المفاوضات إلى مواجهة دمويّة بين هذه الدول ، ويدفع الآخرون الثمن بدون مقابل ، ويتم تدمير البنى التحتية والمنشآت الحيوية في كلا البلدين وتضيع مليارات الدولارات في مهب الريح ، نتيجة لما تحدثه الحروب من دمار وخراب ، ويصبح الشعب الذى نجى من حراب الموت فريسة في براثن الفقر والجوع والمرض ، وربما الضياع والتهجير والغربة والعيش في المخيمات في العراء ، تحت رحمة العوز والحاجة لمساعدات الأخرين ، وتحمل مرارة وقساوة الحياة في تلك المخيمات مع تقلبات الأوضاع والأجواء .
إن اللجوء إلى مثل تلك الأساليب والتصرفات يؤدي إلى عواقب ونتائج وخيمة لا تحمد عقباها ، ويتكبد الجانبين خسائر فادحة في الممتلكات والأرواح ، وينهار الإقتصاد وتتحطم الآمال والمكتسبات في تلك البلدان المتحاربة ، وتكون الحرب وبالا على الشعوب والأجيال القادمة ، على مدى سنوات طويلة ، وتظل تقاسي وتعاني الويلات نتيجة لأخطاء وحماقات الآخرون ، الذين قد يفرون بجلدهم ، أو يظلون مهيمنين على زمام الأمور .
فالحوار الديمقراطي بين الأفراد والجماعات ، وبين الدول والشعوب هو السبيل الوحيد للوصول للتفاهم والحلول المرضيّة والمقنعة لكل الجانبين لتفادي المخاطر والأهوال ، ولقد تبنت هيئة الأمم المتحدة مشروع " حوار الحضارات " الذي رفعه الرئيس الإيراني السابق - السيد محمد خاتمي في الأمم المتحدة ، وأعتبر عام 2001 م " عام حوار الحضارات " لكون حوار الحضارات طريقا ومنهجا لتلافي الصراعات والنزاعات والمصادمات بين الدول ، وبالتالي التوصل للتفاهم والسلام بين الشعوب والدول في عالمنا هذا المترامي الأطراف والمتعدد التوجهات والنزعات والمصالح والتطلعات والأهداف ، بما فيها الأطماع والأهداف الخبيثة والمبيتة والنوايا الإستعمارية السيئة .
- وكما يقال فالخلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية ). - وكما يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير فولتير : ( قدأخالفك في الرأي ، ولكنني مستعد للدفاع والتضحية عن رأيك ) . - وكما يقال أيضا : ( رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب ). - وكما جاء في الحديث النبوي الشريف : ( إختـــلاف أمـــــتي رحمـــــــــة ) . وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 م ، لتغيّر المفاهيم والمبادئ والقيم ، ويتغيّر بالتالي مفهوم - الحوار الديمقراطي الحر - ويصبح محفوفا بالمخاطر ، بل وتصبح الديمقراطية هي الأخرى مهددة ، لعلو صوت الوعيد والتهديد ، وسيادة منطق القوة والجبروت ، الذي ترفعة داعية الديمقراطية ( الولايات المتحدة الأميركية ) وتلوح بخيار القتل والفتك والتدمير، وإثارة النزعات الإستعمارية القديمة وشن الحروب ، على منطق العقل والحكمة .
فخيارنا يجب أن يكون - خيار السلام - ولا يسود السلام في هذا العالم إلاّ بتبنــي لغة " الحوار الديمقراطي الحر " لأنه السبيل الوحيد للتفاهم والتخاطب بين الدول والشعوب ليعم الأمن والرخاء والمحبة والإطمئنان .
وما تفرضه علينا المرحلة الحالية من تحديات وصعاب تتطلب منا جميعا ، أن نبذل المزيد من الجهد والعمل الشاق والمضني ، والتكيّف والتأقلم مع هذه المرحلة ، وما تتطلبه منا من بدل الجهود المخلصة والبناءة ، وعلينا رص الصفوف للمحافظة على المكاسب والمنجزات ، وتفويت الفرص على المندسين والمتآمرين ، والذين يحاولون جاهدين زرع بذور الفتنة و التفرقة بين أبناء هذا الشعب الواحد ليتمكنوا من تثبيت جذورهم ، وإستغلال الأوضاع لصالحهم ، ولتمرير مخططاتهم البغيضة .
وعلينا جميعا أن نكون حذرين ، ومسلحين باليقظة والوعي الوطني لما يحاك في الظلام ، للقيام بواجبنا نحو وطننا وشعبنا وأمتنا خير قيام ، في سبيل نشر الوعي الثقافي والسياسي بين طبقات الجماهير على مختلف مستوياتها وثقافاتها ، لتتمكن من المشاركة والمساهمة في مسيرة الديمقراطية ، وللنهوض بالمسئوليات والأعباء الجسام الملقاة على عواتقنا خير قيام ، كل في موقع مسئوليته لخدمة ورفعة وتقدم وإزدهار وطننا الغالي .
كما يحثنا ديننا الإسلامي الحنيف ، متمثـلا في الحديث النبوي الشريف :- - ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته … ) .
وفي قولــه – سبحانه وتعالى – في محكم كتابه العزيـز : - ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) - ( التوبة- الجزء الحادي عشر ) . | |
|