بقلم- محمد خليل الحوري
في صالة أحد المدارس الحكومية الرياضية ، وخلال حصة التربية الرياضية ، وكان التمرين الرياضي المفروض على الطلاب ، هو الجري لمسافة معينة في الصالة ، تبدأ من الجدار (أ) وتنتهي عند الجدار (ب) ، ومن ثم العودة إلى جدار البدء (أ) بشرط أن يلامس التلميذ الجدار (ب) ليعود إلى نقطة البدء من جديد .
وصادف لسبب أو لأخر بأن أحد التلاميذ لم يقم بملامسة الجدار (ب) ليعود إلى الجدار (أ) ، فلاحظه مدرس الرياضة ، فما كان منه إلاّ أن إستشاط غضبا ، وأخذ يضرب التلميذ بمسطرة كانت في يده بشكل عشوائي وبدون شعور ، لكونه قد فقد السيطرة على أعصابه ، وعندما سقطت المسطرة من يده ، قام بضرب التلميذ بيده ، بلا رحمة ولا شفقة ، ولم يكتف بذلك بل أخذ يسدد له الركلات برجله ، بشكل عشوائي بلا رحمة ولا هوادة .
لا ندري كيف فقد هذا المربي أعصابه ، ونسي بأنه يتعامل مع طفل غض صغير ، وكيف سمح لنفسه بأن يعامله بهذه الوحشية وكيف فقد الرحمة من قلبه فضربه ضربا مبرحا ؟ لسبب تـافه لا يستدعي كل تلك القسوة والخشونة ، وهل وراء كل هذا العنـف والتصرف الأهوج من أسبـاب أخـرى لا نعلمها ، وهل بإمكان ذلك المدرس الفاضل أن يشرحها لنا بالتفصيل ، حتى نكون على علم ودراية بأسباب تصرفه هذا .
وبتلك التصرفات الهوجاء يكون ذلك المدرس قد خالف قوانين وزارة التربية والتعليم التي تمنع الضرب بكافة أشكاله في مدارسها منذ سنوات طويلة ، فما بالك بتلك الهمجية والوحشية في التعامل مع الطلبة الصغار ، وهو بالطبع خروج على كل الأعراف والتقاليد ، التي تفتقر إلى أبسط أساليب التعامل مع الناس سوى في المدرسة أو خارج المدرسة ، وإسلامنا الحنيف يدعوننا إلى التعاطف والتآزر فيما بيننا ، وما بذر من ذلك المدرس يعد مخالفة صريحة لتعاليم الدين الحنيف ، وما يجب أن يتحلى به الإنسان المسلم من أخلاق عالية وحميدة ، وما يتمتع به من صفات سامية كالرأفة والرحمة والعطف والشفقة .
ولقد سبب ذلك المدرس بتصرفاته الرعناء هذه ، نفورا وإشمئزازا لبقية التلاميذ الصغار ، الذين أعطاهم ذلك المدرس صورة سيئة عن غلاضته وقسوته في تعامله مع هذا التلميذ المسكين ، وسبب لهم الذعر والخوف والفزع ، مما حدا بأحد التلاميذ الذي شاهد الإسلوب العدائي والتصرف الشاذ للمدرس مع ذلك التلميذ ، وقرر بلا رجعة بأنه لن يذهب إلى المدرسة ، خوفا من أن يتعرض لنفس الموقف مع ذلك المدرس ، وفشلت كل محاولات والديه في إقناعه.
مما جعل والد هذا التلميذ أن يضطر للذهاب إلى المدرسة لمقابلة مدير المدرسة ، بغرض شرح الموضوع له ، لعله يجد مخرجا لتلك القضية التي سببها لهم ذلك المدرس ، ولكن ذلك المدير المحترم قد تعصب وغضب ولم يتمالك نفسه ، وقال لولي أمر الطالب بكل خشونة وجفاء ، بأنه ليس من حقه أن يطرح مثل هذا الموضوع ، لأن التلميذ الذي تعرض للضرب هو ليس إبنه ، وحاول أن يوجه له تهمة التهديد له ، مع العلم بأن الشخص المذكور كان يتكلم معه بصورة أخوية ، ولكن مدير المدرسة هو الذي كان يتكلم معه بإسلوب لا يليق بشخص يشغل مركز مدير مدرسة أن يتصرف بهذا الإسلوب الفض ، ولم يقبل سماع قضيته التي جاء من أجلها إلى المدرسة ، وإضطر إلى مغادرة مكتبه وترك أعماله وهي مشكلة إبنه الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة بسبب ما شاهده من موقف درامي إجرامي ، مع العلم بأن ولي أمر هذا التلميذ ليس له معرفة بالمدرس ولا بالتلميذ الذي تعرض للضرب .
وهنا يحق لنا أن نطرح تساؤلا مشروعا وهو كيف يسمح ذلك المدير لنفسه أن يتعصب لذلك المدرس ؟ ولم يعط ِ ولي أمر التلميذ فرصة للتفاهم معه حول موضوع خطير ، يمس سلامة وأمن التلاميذ في المدرسة ، ويجعلهم ينفرون من المدرسة ، ويتهيبون من أساليب ومعاملات مدرسيهم لهم ، وقد يكون هذا المدرس حالة فردية وشاذة ، ولكن هؤلاء الأطفال وهم في هذه السن ، سيعتقدون بأن كل المدرسين في تلك المدرسة هم سواء ، وخاصة بأن تلاميذ تلك المرحلة ، قد تلقوا تعليمهم حتى الصف الرابع الإبتدائي ، على أيدي مدرسات ومربيات فاضلات ، ومهما كانت معاملتهم معهم ، فهي تختلف إختلافا كبيرا بالطبع ، وهذا ما يجب على هذا المدرس وغيره من المدرسين أن يتفهموه ويدركوه وعليهم أن يحسبوا له ألف حساب ، لحساسية هؤلاء الأطفال في تلك المرحلة العمرية من حياتهم .
فهل تقبل وزارة التربية والتعليم بما جرى لذلك التلميذ المسكين ، الذي تعرض للضرب القاسي والإهانة الشديدة بلا رحمة وبلا شفقة ، وما عكسه تصرف المدرس الأهوج على بقية التلاميذ ، مما حدا بأحد التلاميذ العزوف عن الذهاب إلى المدرسة ، خوفا لأن يتعرض لنفس الموقف مع هذا المدرس ، وهي ظاهرة خطيرة يجب عدم السكوت عليها ، ويجب إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بحق المدرس ، ومحاسبة ذلك المدير الذي على ما يبدو بأنه يحاول التستر على هذا المدرس ، والدليل على ذلك بأنه رفض السماع من ولي أمر التلميذ عن ما بذر من ذلك المدرس من تصرفات غير طبيعية تنم عن قسوة وشدة مفرطة ، نتيجة لإنفلات أعصابه وعدم إستطاعته السيطرة عليها .
وعلى ولي أمر التلميذ الذي تعرض للضرب والإهانة أن يرفع القضية إلى سعادة وزير التربية بشكل مباشر ، حتى يضع سعادة الوزير حدا لإستهتار بعض المدرسين في بعض المدارس الحكومية ، ويتكرم بإصدار تعاليمه السامية وإرشاداته القيمة إلى كافة المدارس ( بنين وبنات ) ، لوقف مثل تلك التصرفات الشاذة التي تسبب المشاكل للتلاميذ وأولياء الأمور وللوزارة على حد سواء .
وهؤلاء التلاميذ هم أمانة وعهدة ومسؤولية لدي وزارة التربية والتعليم ، فيجب عليها المحافظة عليهم وعلى أمنهم وسلامتهم ، وعدم السماح لكائن من كان أن يتعرض لهم ويمس كرامتهم بالضرب والتجريح ، وأهلهم أرسلوهم لطلب العلم والتحصيل ، وهم مطمئنون بأنهم في أيدي أمينة ، وهم بالطبع يرفضون كل ما يمس أبناؤهم من أخطار تهدد أمنهم وسلامتهم وكرامتهم .