بقلم : محمد خليل الحوري
ما أكثر التصريحات والوعود والآماني التي يدلي بها كبار المسؤولين وغيرهم ممن يعتلون ويحتلون مراكز ريادية في دولنا العربية، عبر الصحافة والفضائيات وغيرها من أجهزة الإعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية، وبعد الإجتماعات المطولة والمؤتمرات المهولة، تصدر التوصيات والقرارات وتثار ضجة إعـــلاميـة صاخبـة، ولكن سرعان ما تـتـبخر تلك التصريحات ولا ترى النور على أرض الواقع، ولا يتحقق منها إلاّ الشيء اليسير، وكثيرا ما تظل توصياتهم وقرارتهم مركونة في أدراج مكاتبهم يتراكم عليها الغبار، وتصبح مجرد حبرا على ورق .
وكثيرا ما يثار الضجيج الإعلامي حول تلك الإجتماعات والمؤتمرات، وتتوقع الجماهير أن تتحقق لها ما تطمح إليه أوتحصل على الحد الأدنى لما تتطلع إليه، وتخرج القرارات والتوصيات مخيبة للآمال ولا تلبي الجزء اليسير منها، وتبعث على الخيبة واليأس والقنوط، وتكون صدمة الجماهير كبيرة .
فعلى المستوى العربي مثلا وعلى مدى عقود، كانت ولا تزال تعقد المؤتمرات وإجتماعات القمم العربية، وتتوخى الجماهير في الدول العربية أن تتوصل تلك القمم إلى ما تطمح إليه تلك الجماهير أو حتى يتم تحقيق الحد الأدنى من ما يتطلع إ ليه الشارع العربي، وبالتالي تكون تلك القمم مخيبة للآمال، وتسبب في حدوث حالة من الإحباط لدى المواطن العربي من المحيط إلى الخليج .
وأصبحت الجماهير العربية في عالمنا العربي لا تعلق أية آمال على مثل تلك الإجتماعات والمؤتمرات العربية، وباتت لا تشكل أي أهمية بالنسبة لعامة الناس، وتعتبرها مضيعة للوقت وفرصة سانحة للقاءات الشخصية وتبادل الأحاديث الودية، والتمتع بكل ما لذ وطاب من أصناف الطعام والشراب، وكسر الروتين لدى هؤلاء المؤتمرون للترفيه عن أنفسهم، وإنتهاز الفرصة في زيارات سياحية وربما مكوكية لدول أخرى، إثناء عودتهم من تلك المؤتمرات إلى بلدانهم .
وهذا الحال ينطبق أيضا على بقية الإجتماعات والمؤتمرات الإقليمية والمحلية في تلك الدول العربية، وتكون القرارات والتوصيات لا تمثل الحد الأدنى من تطلعات الشعوب، وحتى وإن صدرت القرارات والتوصيات بمستوى جيد، إلاّ إنها تبقى حبرا على ورق في أغلب الأحيان ولا تجد طريقها للتنفيذ، تكون عادة بمثابة الصدمة أو مصدر إستياء لدى عموم الناس .
فالمواطن العربي أصبح على دراية وعلم ولديه خبرة لا بأس بها بهذه المؤتمرات، قبل أن تعقد جلساتها وتختتم أعمالها، وما ستتمخض عنها وما ستنجم عنها من قرارات، والتي يعتبرها بأنها لن تكون في صالحه بأية حال من الأحوال، وإن تلك المؤتمرات وما يسبقها ويصاحبها من دعاية وإعلان وصخب وضجيج إعلامي، تكون في نهاية المطاف عرضة لإنتقادات وتعليقات الجماهير اللاذعة لها .
إن الجماهير العربية – المغلوبة على أمرها – تتطلع دائما نحو الحصول على النتائج الإيجابية والأهداف والتطلعات التي تصب في مصالح الجماهير وتحقق تطلعاتها محليا ودوليا، وما يتخذه المؤتمرون على مختلف مستوياتهم وفي المؤتمرات المختلفة سوى الأقليمية أو العربية أو الدولية، وأن يسعوا جاهدين للوصول و تحقيق ما تصبو إليه الجماهير من أهداف وأمنيات وتطلعات، لتغيير الأوضاع إلى الأفضل على المستوى العربي والإقليمي، وتحسين الأوضاع السياسية والإقتصادية، وإيجاد الحلول الناجعة للقضايا العالقة في تلك الدول، وإتخاذ القرارات الحاسمة التي تعزز مكانة الدول العربية وشعوبها على كافة المستويات في العالم .
وأخيرا على المستوى المحلي، نرى الصحافة تخرج علينا بتصريحات من مسؤولين في مختلف القطاعات، تمثل جزء كبير من ما يتطلع له المواطن ويحلم بتحقيقه، ويستبشر هذا المواطن خيرا، ويعلق عليها آمالا كبارا وينتظر أن يتم تنفيذ ما سمع به، ويطول هذا الإنتظار وتمر الشهور والسنوات ولم يتحقق من كل تلك الوعود شيئا يذكر، وكثيرا من الأحيان يشاع عبر ما تنقله الصحافة من تصريحات لمسؤولين في الدولة أو نواب أوما يتناقله الناس من تلك الأحاديث عن مشاريع أو العزم على تحقيق مكاسب مادية ومعنوية للمواطنين، كتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، وإيجاد حلول لمشكلة البطالة والقضاء على أسبابها ومسبباتها، والقضاء على الفساد المالي والإداري والتمييز وغيرها من الأسباب والقضايا المحبطة للمواطن .
ويثار حولها الضجيج والهريج، ولكن لا يتحقق من تلك الوعود والأمنيات شيئا، وتظل حلما يراود مخيلة المواطن، ويعيش على الأمل لتحقيقها في يوم من الأيام، والذي سيكون من الأيام الجميلة التي لم يعشها المواطن بعد، فما أكثر الضــجيج وقلة الحجيج، وتصبح مقولة (نسمع عجعجة ولا نرى طحينا) تنطبق على واقعنا العربي إقليميا ومحليا بلا إستـثـنـاء .