قوافل الشهداء لن تتوقف .. !!
بقلم : محمد خليل الحوري
إن الحياة عقيدة وجهاد، وهاهي قوافل الشهداء تسير في دربها, درب النعيم والرضوان والخلود الأبدي، بعد أن إجتازت دروب الجهاد والنضال والمقاومة، ولا يمكن لأحد أن يوقفها ، فلقد رحل شيخ المجاهدين الشهيد أحمد ياسين، بعملية إغتيال وحشية, وذلك بإستهدافه ورفاقه بصاروخ ، في طريق عودتهم إلى منازلهم بعد أدائهم لفريضة صلاة الفجر.
وكان قد أشرف على العملية السفاح الإرهابي شارون بنفسه الذي يتجرع الآن الموت غصة بعد غصة ، ويعاني سكرات الموت ، وعقاب الله في الدنيا قبل الآخرة ، بعد حصوله على الضوء الأخضر من المجرم بوش , الذي يدعم ويساند بكل ما أوتي من قوة نظام القتلة والسفاحين الغاصبين في تل أبيب، لعله يحظى بتأييد اللوبي الصهيوني المتشدد .
وكان قد فاز بفترة رئاسية ثانية, وتربع على كرسي العرش ، ليواصل حماقاته وحروبه التي لا تنتهي ، ويهدد ويتوعد الدول الأخرى ، وهو الذي يعتبر نفسه إمبراطورا متوجا لهذا العالم ، الذي أصبحت أميركا تتحكم فيه ، وفي الدول والشعوب كافة ، ولقد حقق ما كان يحلم به أبيه، حيث لم يحالفه الحظ بالفوز لفترة رئاسية ثانية، على الرغم من كل ما فعله في العراق من دمار وخراب بحجة تحرير الكويت في العام 1991 م ، في عملية عسكرية سموها " عاصفة الصحـراء " .
وهكذا نرى في كل مرة تكشف أميركا عن وجهها القبيح، وتعطي الكيان الصهيوني الأحقية في إبتلاع ونهب الأراضي الفلسطينية التي كانت قد إحتلها في العام 1967م، وعدم السماح بعودة الفلسطينيين في الشتات لأراضيهم المغتصبة ، وهو ما يعرف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم ، التي كانت قد إحتلت في العام 1948م ، نزولاً عند رغبة الصهاينة والغزاة ، مع الإحتفاظ بالمستوطنات الكبرى في قطاع غزة والضفة الغربية وللأبد، وهذه نكبة أخرى تضاف إلى مسلسل النكبات الأخرى بحق الشعب الفلسطيني، مكررة بذلك وعد بلفور المشؤوم في العام 1917م, والذي قدم فلسطين للصهاينة على طبق من ذهب من قبل بريطانيا ، فسمح بإنشاء وطن قومي لهم على تراب أرض فلسطين الحبيبة .
ووصل الأمر إلى ما وصل إليه من مآسي وويلات ونكبات، فإرتكبوا المجازر والمذابح الوحشية ، وأباحوا دماء الأبرياء, فقتلوا الملايين وشردوا الملايين في أرض الله الواسعة ظلماً وعدواناً، ومارسوا القمع والإرهاب بحق من بقي وظل في موطنه الأصلي تحت رماح وسلاح الغاصبين والمحتلين، الذين يذيقونهم شر العذاب ، وينكلون بهم أشد التنكيل، ويرتكبون بحقهم أبشع أنواع الممارسات القمعية والهمجية من قتل وإغتيال وتدمير وإعتقال، وهدم لمنازلهم وتجريف لمزارعهم ، وإجتياح لمدنهم وقراهم بأبشع الصور، وأقذر الأساليب والطرق الملتوية واللا أخلاقية واللا إنسانية .
ولم يمضِ على اغتيال شيخ المجاهدين -الشهيد أحمد ياسين سوى ثلاثة أسابيع، حتى بادرت إسرائيل لإغتيال المناضل البطـل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي - بنفس الأسلوب وبنفس الطريقة وبأبشع أسلوب إرهابي، حيث يقتل المدنيين ويغتال القادة الفلسطينيين بالقصف بالصواريخ من الطائرات الحربية ، وهذا العمل الإجرامي يعد من الإنتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية، وتجاوزاً خطيراً لأبسط حقوق الإنسان ، والأدهى من ذلك هو التأييد المطلق من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والتشجيع والمساندة اللا متناهية لإرهاب الدولة وغطرستها وجرائمها ، والتغطية على الوحشية والجرائم والتي هي بحق - جرائم ضد الإنسانية - وهي بمثابة جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي ، والأولى بهؤلاء لأن يقدموا لمحاكم مجرمي الحرب الدولية ، ولكن العالم بأسره – اليوم يغض الطرف عنهم ، ويتجاهل أعمالهم وأفعالهم العدوانية والمخزية .
هذه الأساليب القمعية والوحشية ، التي يتبعها ويمارسها الكيان الصهيوني ، لن يثبط من عزيمة المقاومين والمناضلين الأبطال من المطالبة بحقوقهم ، ومواصلة النضال والكفاح لتحرير أراضيهم , وستبقى المسيرة متواصلة مهما طال الزمان، ومهما كانت شدة الممارسات الوحشية والقمعية التي ينتهجها ويرتكبها المحتل الغاصب ، وسيكون النصر حليف الشعوب المناضلة ، والرجل - كما يقال – فكرة , فالرجل يموت والفكرة تبقى، وفي النهاية يزول الطواغيت العتاة المتجبرون، وتبقى الشعوب لتنال حريتها وإستقلالها وعزتها وكرامتها.
إن الجرائم النكراء التي تقترفها الدويلة الغاصبة لفلسطين الحبيبة، وبمساندة قوى الشر والطغيان في العالم، بحق الشعب الفلسطيني المظلوم تدمي القلوب وتهيّج العاطفة ، وتبعث الشجون وتدعو للحزن واللوعة، لما يرتكبه سفاحوا ومجرمي الكيان الصهيوني المتعاقبون على إغتصاب الحكم ، ولما يتبجحون به من تهديد ووعيد لملاحقة وقتل القيادات الفلسطينية، فضلاً عن ما يمارسونه من قتل وإرهاب وقمع للشعب الفلسطيني بدم بارد وبشكل يومي ومستمر، وتحت سمع وبصر العالم الذي يلتزم الصمت المطبق .
ولقد كان الطاغية المدحور شارون يتباهى ويتمادى في إرتكاب الجرائم التي يندى لها جبين البشرية، لكون أميركا تسانده وتشجعه وتمده وتدعمه بالمال والعتاد والسلاح .
ويَعتبِر المجرم بوش الإرهابي شارون رجل سلام، ويطلب من العالم أن يشكره على الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين بكل وقاحة وقلة حياء، بعد أن وافق على كل كبيرة وصغيرة مما طلبه منه ، وأعطاه صك الغفران ووثيقة بيع فلسطين ، إرضاءًا للوبي الصهيوني الذي بيده الحل والربط في أميركا .
فأين منظمات حقوق الإنسان؟ وأين المنظمات الدولية التي تدافع عن الإنسان؟ وأين هيئة الأمم المتحدة ، التي أصبحت بحاجة لمن ينقذها من هيمنة وسيطرة أميركا ، وقوى الشر والطغيان في العالم ؟ ولماذا كل هذا التحيّـز والإنحيّاز للكيان الصهيوني من قبل أميركا والدول الأخرى التي تسير في فلكها؟ لماذا لا يوضع حدا للإنتهاكات الخطيرة التي تمارس من قبل القوى الاستعمارية في العالم كالكيان الصهيوني وأميركا؟
ولماذا لا توقف المجازر والمذابح البربرية بحق الأبرياء ، والتي ترتكب على رؤوس الأشهاد في العالم من قبل هؤلاء القتلة والسفاحون والمجرمون؟
لقد أعلنها بوش وبكل وقاحة وبصريح العبارة وعلى الملأ – بشأن الأسلحة النووية الإيرانية - على حد زعمه ، بأن وجود تلك الأسلحة لدى إيران يشكل تهديداً وخطراً مميتاً لإسرائيل ، وأميركا تخاف على أمن ووجود إسرائيل ، ولا تقبل أن يتعرض أحد لأمنها وسلامها وإستقرارها ، وكأن الدويلة الصهيونية لا تمتلك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية والقنابل الهيدروجينية والحرارية والنيوترونية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل , والتي تشكل خطراً كبيراً على أمن وسلامة منطقة الشرق الأوسط بكاملها ، ولكنهم يلتزمون الصمت ويغضون الطرف عن تلك الدويلة اللقيطة، وكأنها فوق القانون وفوق كل الشبهات ، ولا يطالها ما يطال الآخرين، نتيجة للتواطؤ والإنحياز الأميركي لها .
فأينكم .. أيها العرب الكرام! يا من ترتمون في أحضان أميركا وهي تصدكم! ويا من تهرولون لكسب ودها ورضاها ، وتحجّون إلي البيت الأبيض في العام مرتين أو أكثر حتى ترضى عنكم, وحتى لو تطلب الأمر منكم تطبيع علاقاتكم مع الكيان الصهيوني في السر والعلانية, والذي تفضله أميركا عليكم ، وتسبغ عليه خيراتها ونعمها وتحيزها وولائها له، بينما هي تهينكم وتذلكم وأنتم خاضعون مطأطئي الرؤوس لها، تسبّحون بحمدها وتمجدون بقوتها وجبروتها ، فأينكم من كل ما يجري من حولكم؟ .
فإلى متى يا ترى ستظلون على تلك الحال, التي لا تسر عدو ولا صديق؟ ومتى ستنتفضون على واقعكم المخزي والمذل الذي تعيشونه ؟ وإلى متى ستظلون عبيداً لأميركا التي تتمادى في إذلالكم وسلب إرادتكم وتهميشكم ، والإنحياز - لعدوة الأمة والشعوب - ودعمها ومساندتها ؟ وهي الدويلة اللقيطة والمغتصبة لفلسطين .