بقلم : محمد خليل الحوري
كثير ما نسمع عن إنتشار ظاهرة غريبة على مجتمعنا البحريني، إذ كان المواطن في البحرين يترك فيه باب داره مفتوحا على مصراعيه، وينام هانئا مرتاح البال ملء جفنيه لايفكر بأن أحدا سيأتي ويسرق منزله، ويستولي على الغالي والنفيس، أو على ما غليّ ثمنه، وسهل حمله، كان ذلك إلى عهد قريب قبل أن تتغير النفوس، وتتحكم في ذمة الناس الفلوس، وتصبح البلاد ملاذا لكل من هب ودب، من كافة الأجناس والألوان، ومن مختلف البلدان والأمصار، ومن شتى الأديان والملـــل والأعراق.
واليوم وعلى رغم توفر أجهزة الأمن المتطورة ، والإمكانيات التقنية والبشرية الهائلة ، ومالديها من وسائل حديثة لكشف أية محاولة للسرقة أو القيام بما يقلق أمن وراحة المواطنين ، ويهدد سلامتهم وإستقرارهم ، فإننا نسمع ونرى بما يحدث من حالات كثيرة لسرقة المنازل ، والدور السكنية والمحلات التجارية والسيارات ، وأحيانا حتى البنوك ، والتي في أغلبها تسجل ضد مجهول ، وينتهي الأمر بإغلاق ملف القضية وكأن شيئا لم يكن .
مما لاشك فيه بإن مثل تلك الأحداث ، تترك إ نطباعا سيئا ، وتاثيرا سلبيا على نفسية المواطن والمقيم ، وتجعله في حالة مستمرة من الخوف والقلق ، والترقب والمعاناة ، وما إليه من سمعة سيئة ، تسيء للبلاد وأهلها ، وللوطن والمواطن على حد سواء .
وتتكرر تلك الحالات من السرقات طوال السنة ، وأحيانا تتخذ منحا أخر حيث تكثر بشكل مخيف في مواسم معينة ، وفي مناطق محددة من البلاد ، وذلك نتيجة للظروف والملابسات والمناسبات ، والتي تقام في مناطق أخرى من البلاد ، وهي معروفة لدى الجميع .
فما هي الأسباب والدوافع من جراء تلك الممارسات المنافية لعاداتنا وتقالدينا والدخيلة على مجتمعنا ؟ ومن يقف وراء تلك السرقات المخيفة والمهددة لأمن وإستقرار المواطن والمقيم ؟ وهل هؤلاء اللصوص المتخصصون في السرقة والسطو هم من أهل هذه البلاد ، أم إنهم من هؤلاء الوافدون علينا من كل حدب وصوب ؟ كما نرى بأن البلاد تغص بمثل هؤلاء ، وتنوء بحملها .
أم هل هم من هؤلاء الذين يحملون هويّة تلك البلاد وينعمون بخيراتها ومن ثم يسيئون إلى هذا الوطن وأهله ، ويشوهون سمعته ، وهو الذي أمنهم من جوع وآواهم من خوف . فالعلم عند الله ، ولا يمكننا تحديد هويّة الجناة ، وتوجيه أصابع الإتهام لأحد .
فهذه التصرفات والسلوكيات المنحرفة ، والتي تجعل من هؤلاء محترفين للسرقة ، تزعزع أمن وإستقرار المواطن والمقيم ، وتبث الخوف والفزع في نفوسهم ، فكيف يمكن القضاء على هذه الظاهرة السيئة قضاءا مبرما ، لينعم الجميع بالطمأنينة والأمن والإستقرار وراحة البال ؟!!
وكيف يمكن التحري وملاحقة الجناة ، وإتخاذ كافة الإجراءات والوسائل والطرق والأساليب ، وإستخدام الإمكانيات المتوفرة والمتاحة للوصول إلى الذين إرتكبوا الكثير من السرقات ، وهم ينعمون بالحرية ، بينما المواطن المصدوم والمسلوبة ممتلكاته ، يعاني الحسرة والويلات على أمواله ومقتنياته الثمينة والتي فقدها بأسرع من لمح البصر ، والتي فقد الأمل في إسترجاعها أو القبض على من إستولى عليها بدون أدنى حق .
نحن لا نقلل من إمكانيات أجهزة الأمن في البلاد ، العيون الساهرة على راحة وأمن المواطن والمقيم ، أو نتجاهل الجهد الكبير الذي يقومون به ليلا ونهارا ، ولكن ما يحدث من سرقات مستمرة ومخيفة ، تجعلنا نتسائل إلى متى سيبقى مسلسل السرقات المخيف مستمرا ؟!!
أما حان لنا جميعا بأن نتكاتف ونتعاون ونتحد ونشكل جبهة قوية للتصدي للعابثين بأمن هذا الوطن والمواطن ، وذلك بإتخاذ كافة الإجراءات الأمنية والإحتياطات اللازمة ، والتحقق من براءة ساحة هؤلاء الوافدين ، وان لا يسمح لكائن من كان بدخول البلاد قبل التحقق من حسن سيرته وسلوكه ، وذلك بطلب شهادة بذلك تصدر من قبل حكومة الوافد ، للحد من دخول أصحاب السوابق والجنح وربما الجرائم
وكذلك تكثيف الدوريات الأمنية المنتظمة ، وعلى مدار الساعة ، ومراقبة المشتبه بهم ، وملاحقتهم لتضييع الفرص عليهم ، ولتلافي والحد من وقوع مثل تلك السرقات تمهيدا للقضاء عليها .
إن اللص أو السارق عندما يقتحم أحد المنازل فإنه يرتكب عدة جرائم وليست جريمة السرقة فقط ، ومن هذه الجرائم ما يلي :-
أولا : إنتهاك حرمة البيت الذي يقتحمه ، وهذه جريمة يعاقب عليها القانون كما الشريعة الإسلامية ، والأديان السماوية المختلفة .
ثانيا : الإستيلاء على حقوق وممتلكات الأخرين بدون أدنى حق ، وهذه جريمة أخرى تستحق إنزال أقصى العقوبات به .
ثالثا : إحداث الأضرار بالأخرين ، وخلق التوتر النفسي والعصبي للشخص المسلوبة ممتلكاته ، وجعله في حالة يرثى لها ، تعتبر جريمة عامة وشاملة ، يستحق عليها السارق العقاب القاسي .
رابعا : قد يلجأ السارق أو اللص إلى إستخدام إسلوب العنف أو السطو المسلح ، وقد يمارس القتل عندما يواجه من قبل الأخرين ، أو يقوم بالإغتصاب و إنتهاك الأعراض ، وهنا تتشعب الأخطار ، ويجب أن ينـزل قصاص الله العادل به .
خامسا : الإساءة إلى سمعة البلاد ، وتجاوز كافة القوانين والأحكام الشرعية ومخالفة صريحة لتعاليم الدين الحنيف ، وتلك جريمة يعاقب عليها في الدنيا من قبل المجتمع ، وفي الآخرة من قبل الله القوي الجبار .
وفوق كل ذلك يجب أن تنزل أقصى العقوبات بكل من تسوّل له نفسه بالإعتداء على حقوق وممتلكات الأخرين بأية طريقة أو وسيلة كانت ليكون عبرة لكل معتبر ، وليتم القضاء نهائيا على مسلسل الإنتهاكات والإعتداء على حقوق الأخرين ، وإيقاف تلك السرقات المخيفة والمروعة والمرعبة .