بقلم : محمد خليل الحوري
قد يتبادر إلى الذهن منذ الوهلة الأولى من صيغة العنوان بأنه قد إشتق أو أستنبط من تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول عام 2001 م حيث ألصقت تهمة الإرهاب بكل من يخالف أو يختلف مع سياسات الإدارة الأمريكية المنحازة بالتمام والكمال للكيان الإرهابي الصهيوني ، وحتى على مستوى الأفراد ، فعندما يختلف شخص مع أخر على أمر ما ، وترتفع بينهما حدة الخلاف ، فإن أحدهما يتهم الأخر ويلصق به تهمة الإرهاب .
والأنكى من ذلك إن المجرم والسفاح شارون يتهم المناضلين الفلسطينيين وينعتهم بصفة الإرهاب ، مع العلم بأنه أكبر إرهابي على وجه الأرض ، وفوق كل ذلك يصفه الرئيس الأمريكي المنحاز بوش - بهتانا وزورا - " برجل السلام" (سلام الكاوبوي ورعاة البقر الأمريكان ) - وكم هو ذلك مضحكا ومبكيا في آن واحد ، فكيف يكون من يقتل ويذبح الأبرياء ، ويهلك الحرث والنسل ، ويدمر الأخضر واليابس ، ويعيث في الأرض فسادا وتنكيلا بإنسان يملك ذرة من المشاعر والأحاسيس ، فكيف برجل سلام ، إنه منطق القوة والجبروت ، والإنحياز الأعمى ، لكسب ود ورضـى اللوبي الصهيوني والفوز بفترة رئاسية ثانية ، وتحقيق ما فشل أبيــه من تحقيقـه .
وتعزف الدول – هي الأخرى – على هذا المنوال ، فكل دولة تتهم الدولة الأخرى بالإرهاب ، عندما تختلف أو تسوء العلاقات بينهما ، وكأن الإرهاب أصبح سمة من سمات هذا العصر الذي إنقلبت فيه المقاييس والموازين والقيم ، وصار كيل الإتهامات للأخرين أمرا في منتهى السهولة ، ولا يستدعي أدنى عناء أو مشقة ، وها هو بوش مـرة أخرى يصف الدول المخالفة له "بدول محور الشر " وكأنه هو ومن يسير في فلكه يمثلون " محور الخير والمحبة " والعكس هـو الصحيح .
وبالعودة إلى موضوع " الإرهاب الإداري " والذي لم يكن له أيـة علاقـة لا من قريب و لا من بعيد بتلك الأحداث الدامية والمأساوية وذلك نتيجة السياسات الغير متزنة والمنحازة دوما والخاطئة للولايات الأمريكية المتحدة ، والتي جعلتها تفقد عقلها وصوابها وأحيانا وقارها وهيبتها وتتصرف برعونة وغباء ، وتشن الحروب وتفتعل المشكلات والأزمات .
فالإرهاب الإداري يدخل ضمن مفهوم الفساد الإداري بكافة أشكاله وألوانه ، فعندما يتطور أو تسيء أحواله يتحوّل إلي العنف والتعسف ، وبالتالي يصبح هذا الفساد الإداري فسادا إرهابيا ، لكون هذا المفسد إداريا يتمادى في تعسفه وتنكيله بالآخرين في ظل غياب الضمير والوازع الديني ، بالإضافة إلى غياب الرقيب والحسيب ، فهناك البعض من المديرين والإداريين يتخذون من الإرهاب والقمع منهجا وطريقا لهم في معاملاتهم مع الأخرين ، ويمارسون التمييز الطائفي والعنصري ، وينفذون ما يخططون له لصالحهم ولمصالحهم ، من أجل إرضاء أهواءهم ونفوسهم المريضة والحاقدة .
فظاهرة الإرهاب ليست متوقفة على فئة معينة من الناس ممن يملكون العتاد والسلاح ، والقنابل والمتفجرات ، بل هناك فئة أخرى من الناس تمارس الإرهاب نتيجة لعقد نفسية وسيكولوجية وحقد دفين ، فكم من الضحايا الذين تعرضوا لإرهاب هؤلاء النفر من الناس ومضايقاتهم ، بينما طفشوا أخرين من أعمالهم وأزاحوهم عن مراكزهم ومناصبهم – ظلما وعدوانـا - نتيجة لإرهابهم وتعنتهــم ، ومن ثم ليجلبوا بني جلدتهم ليحلوا محل هؤلاء الذين تم تطفيشهم ، فأصبح هؤلاء المظلومين ضحايا للإرهاب الإداري ،شأنهم في ذلك شأن ضحايا التعذيب (النفسي والجسدي ) في ظل قانون أمن الدولة السيء الصيت ، والذي كانت له إفرازاتـه وتدعياتـه وأضراره التي لا تعد ولا تحصى ، وقد تضررت منه غالبية الشعب ، ولاتزال آثاره ماثلة للعيان ، فضـلا عن ما يعانيـه البعض من آثــار نفسية وجسمانية وسيكولوجيــة حتى يومنـــا هـــذا .
فالإرهاب الإداري لم يكن وليد تلك الأحداث المروعة أو مرتبط بها ، ولكنه كان موجودا ومورس مـن قبل الأفراد والجماعات منذ قبل هـذا التاريـخ ( الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 م ) وسيظل يمارس حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وذلك لطبيعة الإنسان والأجواء والبيئة التي قد تساعد على تفشي مثل تلك الظواهر الغير طبيعية ، والتي ترفضها المجتمعات المتحضرة وتـمقتـها وتستـهجنهـا وتحاربها بشتى الوسائل والطرق بكل الإمكانيات المتاحــــة والمتوفــــرة.