تعرض في البحرين لأمور لم يجرؤ الآخرون أن ينطقوا بها !!
بقلم: محمد خليل الحوري
في حلكة الظلام الدامس، وفي عتمة الظروف القاسية، وفي مرارة وقسوة الحياة المزرية، وفي ظل مصادرة الحريات العامة وتكميم الأفواه وخنق حرية الرأي والتعبير، وفي عتاوة القوانين السلطوية الجائرة، ومع موجة انتشار زوار الفجر قساة القلب، متحجري العقل والضمير، وعندما صمت الجميع وقل الرجال في وقت الشدة، وفي زمن تنكر فيه المتنكرون وتخاذل المتخاذلون؛ برز هذا الرجل الشجاع شاهراً سيف التحدي، وممتطياً صهوة الحق الذي لا يقهر، يخوض المعارك الضارية في ساحات الوغى، وهو يصرخ بأعلى صوته، منادياً الناس إلى رص الصفوف وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة على دروب الحق، منتقداً الأوضاع السائدة، ومردداً بملء فيه: إن الحقيقة كالشمس في رابعة النهار, لا يمكن أن تحجب بالغربال, أو تمنع أشعتها الذهبية من العبور إلى السطح الخارجي، لتنير الدروب الواسعة وتبدد الظلام الدامس.
كان –رحمه الله- شجاعاً لا يخاف في الله لوم لائم، يخطب في الجموع وينتهز المناسبات ويتواجد في التجمعات، في الأفراح وفي الأتراح يجذبهم إليه بصوته الجهوري، ويشدهم إلى خطابه الحماسي، وهم في دهشة واستغراب، لكونه يخوض في أمور جد خطيرة, لا يبالي من ما سيؤول إليه مصيره. وقد تعرض للاعتقال مرات عديدة, واتهم بالجنون، وتعرض لأشد المضايقات, وطاله ما طال المناضلين والمناهضين، رغم كبر سنه وهيبة شيبته البيضاء، دون أن يراعى له احترام أو وقار.
معروف في الأوساط الشعبية، وتحترمه كل الطبقات والفئات من أبناء هذا الوطن. فهو رمز للوحدة الوطنية، يجوب البلاد في كثير من الأحيان, لا يفرق بين طائفة وأخرى، معزياً في الأحزان ومشاركاً في مراسيم الدفن والتشييع، ومباركاً لهم في الأفراح, ومن ثم يقوم فيهم خاطباً يتعرض لأمور لا يجرؤ أن يتفوه أو ينطق بها الآخرون، وذلك لما يتميز به من شجاعة قل نظيرها، في زمن طغت فيه الأنانية وحب الذات، حفاظاً على المراكز والجاه، وطمعاً في المصالح والمنافع الشخصية.
وفي تعاقب الأيام والسنين، ومرور هذا الزمن الرديء في سرعة البرق الخاطف، تختطف يد المنون ذلك الرجل الفاضل الشجاع، ويرحل عن تلك الدنيا الفانية في بلاد الغربة، ليعود إلى أرض الوطن محمولاً على الأكتاف، تاركاً الذكرى العطرة والسيرة الحسنة، والانطباع الجيد عنه لدى كافة الناس، وما كان له من تاريخ حافل بالعطاء والتضحية، حباً لهذا الوطن وشعبه الوفي.
لقد رحل رجل المواقف الوطنية الشجاع، ذو الشيبة البيضاء التي زادته هيبةً ووقاراً، وشجاعته النادرة التي رفعت من رصيد الحب له في قلوب الناس، وجعلته معروفاً ومشهوراً عند كل الناس، وهو السيد الفاضل عبدالله علي قاسم فخرو، تاركاً الأثر الطيب له في نفوس الناس، والذكرى الخالدة التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الناس والتاريخ، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.