بقلم: محمد خليل الحوري
جنوب شرق آسيا وجنوب شرق أفريقيا تتعرضان لثورة طبيعية غاضبة وعارمة، وهذا الزلزال وما صاحبه من فيضانات وعواصف وطوفان طال أكثر من ثمان دول في تلك المنطقة، وخلف أكثر من 150 ألف قتيل، وأكثر من مليون جريح, وسمي بزلزال جنوب آسيا أو المحيط الهندي, والذي كان مصحوبا بأمواج (تسونامي)، لكون الطبيعة لم تتحمل جور وظلم وفسق وفجور الإنسان، فثارث غاضبة -بأمر من الله- وصبت جام غضبها على ذلك الإنسان الذي تمادى في فسقه وفجوره، وكأنها تخاطب ذلك الإنسان الذي أملى الله له ليزداد في ظلمه وطغيانه ويتمادى في فسقه وفجوره، ومن ثم أرسل الله عليه عذابه، وكأن لسان حال الطبيعة يقول لهم مخاطبا ذلك الإنسان الجهول الظلوم: "إن لم يكن لكم دين ولا تخافون الله ولا تؤمنون بالمعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم".
فالإنسان مهما كان دينه ومعتقده، فيجب عليه أن يراعي ما نهى الله عنه وحرمه. وهناك خطوط حمراء لا يمكن لأحد أن يتجاوزها, ولكننا نرى ذلك الإنسان لا يراعي حرمة ولا ذمة، وينتهك ويتعدى على تلك الخطوط الحمراء مستهترا ومستهزأ بكل القيم والمبادئ لدرجة لا يقبلها عقل ولا يقرها منطق.
وقد يقول البعض أن أغلبية الذين تعرضوا للبلاء وسقطوا ضحايا وجرحى وتشردوا في العراء بلا مأوى ولا مأكل ولا ملبس هم من الفقراء، وليس لهم ناقة ولا جمل مما يحدث على شواطئهم وفي داخل فنادقهم من فسق ومجون وفساد، فنقول: الشر يعم والخير يخص، وغضب الله يصيب الصالح والطالح, وكلّ يجازى بعمله في دار الآخرة.
إن ما يرتكبه الإنسان من آثام ومنكرات وكبائر قد جاوزت الحدود فباءت بغضب من الله، إنه يمهل ولا يهمل، فهو يرسل بإنذاراته وإشاراته المتكررة إليه، ويسلط عليه أنواعا متعددة من البلاء لعله يفيق إلى رشده ويتوب ويعود إلى صوابه. ولكن هذا الإنسان الشقي يزداد في كل يوم طغيانا وفجورا، وما الزلازل والعواصف والطوفان والفيضانات وانفجار البراكين والأمراض المختلفة, والتي أصبح الطب والعلم -رغم التقدم الهائل- عاجزين عن إيجاد العلاج الناجع لها والشفاء منها؛ إلاّ إشارات وإنذارات تحذيرية له ، ليتوقف عن إرتكاب آثامه وذنوبه.
ولكن الإنسان بطبيعته شقي لا يأخذ من كل هذه المحن دروسا وعبرا، ويفسرها على حسب أهوائه, ويستمر في تخبطه وجهالته ويرتكب الموبقات والمنكرات، ويتفنن في كل يوم في ابتداع المزيد من المفاسد والرذائل التي تدعو للسقوط والانحلال. وما نراه على الطبيعة من فسق وفساد وتفسخ وتحلل وفجور، يثير استنكار واستغراب واستهجان البشر. ومثل تلك المنكرات والتظاهر بالكفر والزندقة ونشر الرذيلة والفساد يغضب الرب -جل جلاله- ويوجب عقابه وعذابه.
إن آثار زلزال سومطرة وأمواج تسونامي ألقت بظلالها على احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة في كافة أنحاء العالم، واقتصرت الاحتفالات على مراسيم محدودة تختلف من حيث النوعية والكم عن كل عام، وذلك حزنا على مئات الآلاف من الضحايا في أكثر من ثمان دول منكوبة، بالإضافة لمواطني عدد من الدول الأوربية كانوا متواجدين في تلك المناطق المنكوبة. هل هذا يعني بأن الإنسان بدأ يعي لما يقوم به من أعمال وممارسات خاطئة قد تكون سببا في جلب المآسي والويلات.