محمد خليل الحوري Admin
المساهمات : 129 تاريخ التسجيل : 12/03/2008
| موضوع: حتي يغيرّوا ( ما بأنفسهم ) !! الأحد يوليو 19, 2009 9:50 am | |
| حتى يغيروا (15) الثمرة..بالانجاز نــــــــــــــــــــــــــزار حيدر NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM قراءة في حلقات ان العراق الجديد الذي يحتاج الى ثقافة جديدة، لا بد ان تعتمد التغيير الذاتي اولا. هذا ما اتفقنا عليه في الحلقات الماضية من هذه القراءة. وقلنا، بان من الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد، هي؛ اولا: ثقافة الحياة ثانيا: ثقافة التعايش ثالثا: ثقافة المعرفة رابعا: ثقافة الحوار خامسا: ثقافة الجرأة سادسا: ثقافة الحب سابعا: ثقافة النقد ثامنا: ثقافة الحقوق تاسعا: ثقافة الشورى عاشرا: ثقافة الاعتدال حادي عشر: ثقافة الوفاء ثاني عشر: ثقافة المؤسسة ثالث عشر: ثقافة الحاضر رابع عشر: ثقافة المسؤولية خامس عشر: ثقافة الشفافية سادس عشر: ثقافة الانجاز الناجحون يتحدثون عن انجازاتهم، اما الفاشلون فيتحدثون عن تضحياتهم. فاذا رايت محدثك مستغرقا بالحديث عن تضحياته وعن الماضي، ولم يمر على حاضره او يتحدث عن المستقبل الذي خطط له ورسم معالمه، فاعرف بانه انسان فاشل، اما اذا حدثك عن انجازاته وعن خططه المستقبلية وما هيا لنجاحها، فتاكد بانه امرء ناجح. ان الناجح يستشهد بتضحياته التي حققت انجازا، اما الفاشل فيتحدث عن تضحياته المجردة عن الانجاز. الناجح يتحدث عن المستقبل، وهو عندما يسرد قصصا من الماضي، فباعتبارها دروس لحاضره ومستقبله سعى للاستفادة منها وتوظيفها في تحقيق النجاحات، اما الفاشل فيتحدث كثيرا عن الماضي، لانه لا يمتلك حاضرا ويفتقر الى المستقبل. ان احلى الحديث وارقه على لسان الفاشل، هو حديث الماضي، وحديث التاريخ، لانه لا يحمله مسؤولية، وهو كالافيون الذي يخدر من يصغي اليه، اما الناجح فلانه يتحمل المسؤولية بشجاعة واقتدار، لذلك فان احلى الحديث عنده هو حديث الحاضر وآفاق المستقبل. كما ان الفاشل يتلذذ بالحديث عن التضحيات، لانه حديث العاجزين والمتمسكنين، حديث من يسعى للمتاجرة واستدرار العواطف، اما الناجح، فيتحدث عن الانجاز الذي تحقق بالتضحية. ارايتنا، نحن العراقيون، كم نستغرق في الحديث عن الماضي، وكيف، مثلا، ان أجدادنا كتبوا مسلة الحقوق وانهم علموا البشرية الكتابة والطباعة، وان آباءنا علموا الانسانية الزراعة وطرق الري وشق الانهار، وان الاجيال التي سبقتنا ضحت بكذا وقدمت كذا من الدماء والانفس، واننا قاومنا الاحتلال والاستعمار واننا واننا، وكله حديث عن الماضي وعن التضحيات، اما عندما نريد ان نتحدث عن المنجز الفعلي وعن الحاضر والمستقبل، فترانا نتلعثم لا نعرف ما نقول، وتلك هي مصيبتنا العظمى والطامة الكبرى. ان الاسماع لتطرب على قصص الماضي، وان النفوس لتهدآ لحديث التاريخ، فان مثل هذا الحديث يشبه الى حد بعيد الحديث عن بطولات عنترة وصولاته وجولاته في الحروب وساحات القتال، خاصة عندما يسردها جبان او خائف، وكانه يحاول ان يستعير من الاخرين ما يفتقده، ويتقمص من الصفات ما يحلم به، وهو الشجاعة والبطولة. صحيح ان اجدادنا وآباءنا والاجيال التي مضت قدمت وضحت وانجزت، ولكن ماذا عنا نحن الجيل الحاضر؟ ما الذي انجزناه؟ وما هي خططنا المستقبلية؟. صحيح كذلك فان التاريخ الناصع لاي شعب من الشعوب، هو شئ يبعث على الفخر والاعتزاز، ولكن بشرط ان يترك الماضي الناصع بصماته على الحاضر والمستقبل، فالشعب الاميركي، مثلا، عندما يفتخر بمن يسميهم بـ (الاباء المؤسسون) وهم الثلة التي كتبت الدستور الاميركي قبل قرابة (230) عاما، فانما يفتخر بهم لانهم انجزوا شيئا لا زال حاضرا في حياتهم الآنية والمستقبلية، فهم لا يفخرون بماض انتهى، وباشخاص ماتوا من دون يتركوا ادنى تاثير على حاضرهم ومستقبلهم، بل انهم يفخرون بتاريخ حاضر بشكل يومي، ولذلك يفخرون به. هكذا يجب ان يكون ما نفتخر به، اما ان نفتخر، مثلا، بمسلة حمورابي، وهي اول شريعة تحدثت عن حقوق الانسان والعدالة والحرية وما الى ذلك من القيم الانسانية النبيلة، وبلدنا العراق يعاني من سحق منظم لحقوق الانسان والمواطن فيه عبد للنظام السياسي والعدالة مفقودة، وما الى ذلك، فماذا ينفعنا التاريخ اذن؟ وعلى ماذا نفتخر بشئ لم نتلمسه في حياتنا الحاضرة او في رسم معالم مستقبلها؟. فماذا ينفعنا تاريخ مشرق، اذا كان الحاضر مظلم والمستقبل مجهول؟. كذلك، ماذا ينفعنا ان نفتخر بالعراق القديم الذي علم البشرية القراءة والكتابة، فيما يعاني نصف الشعب العراقي اليوم، ربما، من الجهل والامية، او من التسيب المدرسي وهبوط حاد في نسبة النجاح، لدرجة ان وزارة التربية العتيدة اضطرت الى ان تزيد درجات النجاح بقرار من (5) درجات الى (10) درجات، فاي فخر هذا واي اعتزاز؟. او نفخر بان اجدادنا علموا البشرية شق الانهار والترع وبناء السدود وفن الزراعة، فيما بلدنا الحبيب يعاني اليوم من الجفاف وموت الزراعة واختفاء الانهر والسدود؟. ان العراق من الدول النادرة التي لم تستقر فيه الاوضاع، على الاقل منذ التاسيس، على مدى قرابة قرن كامل من الزمن؟ لماذا؟ لاننا نستغرق في الحديث عما انجزه العراقيون قبل (6000) عام ولم نتحدث عما انجزناه اليوم، وكأن الزمن قد توقف عندنا فلم يعد ينتج ما يغير اوضاعنا. والمتتبع لتاريخ العراق الحديث، يلاحظ انه يمر بكارثة عند راس كل عقد من الزمن، اي كل (10) سنوات، وهذا رقم قياسي بالناقص، لا يمكن ان يستوعبه المرء، فالمعروف ان الشعوب والامم والبلدان تمر بازمات او كوارث كل قرن مثلا ان لم يكن اكثر، اما ان يتكرر التاريخ عندها كل عشر سنوات، فتلك هي الكارثة، ومع هذا، لم يتوقف العراقيون عند هذه الظاهرة ليبحثوا في اسبابها، وتاليا ليجدوا لها الحلول. وبصراحة اقول، لو اردنا ان ننجح، فعلينا ان نغير طريقة حديثنا، فننتقل من الحديث عن الماضي الى الحديث عن الحاضر والمستقبل، كما يجب علينا ان نستبدل ما نفخر به، فلا يكفي ان نفخر بالماضي وما انجزه الاجداد والاباء، بل يجب ان نفخر بما ننجزه في الحاضر وما نخطط لانجازه في المستقبل، ويبقى الماضي دروس وعبر نستذكرها لشحذ الهمم واثارة الحماس من اجل الانجاز الجديد. وصدق الشاعر الذي قال: ليس الفتى من يقول كان ابي ان الفتى من يقول ها انذا تعالوا فليقرر كل واحد منا ان ينجز شيئا ما، مهما كان بسيطا، ثم يفخر به، لنفخر بانجازاتنا وليس بانجازات غيرنا، وبحاضرنا وليس بماضينا، وبمستقبلنا وليس بتاريخنا. عندما زار جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند ايران، اصطحبه المشرفون على زيارته في جولة على قبور (عظماء) ايران، فهذا قبر مولوي الشاعر الكبير، صاحب ديوان (مثنوي معنوي) الذي ترجم الى اغلب لغات العالم، منها الانجليزية اذ تمت طباعته في الولايات المتحدةالاميركية عام 1994 فكان الكتاب الاكثر مبيعا في ذلك العام، وذاك قبر خيام الشاعر الفارسي العظيم، وذلك قبر فردوسي صاحب الشاهنامة المعروفة، وهكذا، وعندما انتهت جولته بين القبور، سأل الضيف حرس الشرف قائلا، هؤلاء العظماء الاموات، فاين عظماءكم الاحياء؟ طبعا لم يجبه احد على سؤاله، خوفا من سيف الرقيب، الا ان احد المرافقين له اجاب على السؤال في نفسه، بقوله (لو امكنني ان اجيبك يا سيادة رئيس الوزراء، لقلت لك بان عظماءنا الاحياء يقبعون في السجون والمعتقلات او مطاردين من قبل النظام الحاكم). هذا هو لسان الحال، للواقع المرير الذي تعيشه بلداننا، ولذلك تشجع الانظمة الديكتاتورية الحاكمة الحديث عن الماضي وليس عن الحاضر والمستقبل، طبعا ليس عن كل الماضي، انما الماضي الذي يخدر الشعب، والتاريخ الذي تغفو على (عظمته) الامة، وان كان مزورا. لقد كنت خلال الايام الاولى لسقوط الصنم، في زيارة الى احد العائلات البغدادية في العاصمة بغداد، فاردت ان اتعرف على مشاعر واحاسيس احد اولاد العائلة، وكان وقتها طالب في الصف الثاني الابتدائي. طلبت منه ان يحضر دفتر الانشاء، لاقرا مشاعره من خلال ما يكتب. كانت معلمة العربية قد طلبت منه ان يكتب موضوعا عن الجيش العراقي، ففوجئت بالعنوان الذي كان هذا التلميذ قد اختاره للموضوع، انه كتب العبارة التالية (كان الجيش العراقي سور للوطن) سالته، ولكننا تعلمنا في طفولتنا ان نردد العبارة (الجيش العراقي سور للوطن) فرد علي ببديهة تعبر عن حقيقة احاسيسه، ذلك كان ايام زمان، اما الان فلا. لقد عبر هذا التلميذ عن حقيقة اجتماعية في غاية الاهمية، وهي ان المتميز الحقيقي هو الذي يقدر على ان يحتفظ بتميزه دائما وليس لبرهة زمنية معينة. خذ مثلا على ذلك، فان اشياء تعلمنا على تميزها مثل (صحيفة التايم البريطانية) و(اذاعة بي بي سي) وشامبو الاطفال الذي تستعمله العوائل لاستحمام اطفالها كونه يتميز بخاصية عدم حرق العيون عند الاستحمام، و (حبة الاسبرين) و(لصقة جونسون) وغيرها الكثير، لازالت متميزة بالرغم من مرور عقود طويلة من السنين، ان لم تكن قرون، فالاجيال تتبدل وتميزها لا يتبدل، لماذا؟ لانها تسعى دائما الى ان تحافظ على تميزها والقها، فهي لا تكتفي بالتغني بالماضي وامجاده، فتقول كنت متميزا، ابدا، بل هي تسعى دائما لان تبقى متميزة. ان الشعوب والامم والحضارات كالانسان، فلا يكفي ان تكون متميزا في المرحلة الابتدائية مثلا، بل يجب عليك، اذا اردت ان تبقى ناجحا، ان تظل متميزا محافظا على موقع الصدراة الذي تميزت به في الصغر. حفلات التكريم هي الاخرى لا نلحظها في بلداننا الا للاموات، اما الاحياء فلا احد يكرمهم، لاننا نتحدث عن الماضي ونخاف الحديث عن الحاضر والمستقبل. في العراق الجديد يجب ان نتعلم الحديث عن الحاضر والمستقبل، كما يجب ان نتحدث عن المنجزات فلا نكتفي بالحديث عن التضحيات. والان، كيف يمكننا ان نكون من الناجحين؟ بمعنى آخر، كيف يمكننا ان ننجز اكثر من التضحية؟. اعتقد ان الامر بحاجة الى ما يلي: اولا: ان نمتلك رؤية، فلقد اوصى امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ولده محمد بن الحنفية لما اعطاه الراية يوم الجمل، بقوله {ارم ببصرك أقصى القوم}. ثانيا: ان نمتلك خططا استراتيجية، فلا يكفي ان نمتلك مليون خطة تكتيكية (آنية) من دون خطة استراتيجة واحدة في كل مجال على الاقل، فالانجاز لا يتم بالخطط الانية، وانما بالخطط الاستراتيجية بعيدة المدى، فهي التي تشكل الرؤية، وهي التي تركز النظر على الهدف. ثالثا: ان تكون عندنا مراجعات حولية لخططنا واساليبنا ووسائلنا وانجازاتنا، لنصحح الخطا في اقرب فرصة قبل ان يستفحل، وان نعيد صف الاولويات قبل فوات الاوان، فالرقابة الدائمة تساعد على النجاح، لانها تساعد على الاستدراك كلما اقتضت الضرورة. رابعا: ان نتصف بالاستقامة والاستمرارية في التنفيذ، والثبات على الالتزار بالخطة، فلا تهتز قناعاتنا عند كل شائعة، او نتردد في الالتزام بها عند اول عرقلة لسبب من الاسباب، ففي وصية امير المؤمنين الآنفة الذكر يقول عليه السلام {تزول الجبال ولا تزل، عض على ناجذك} ويضيف عليه السلام {تد في الارض قدمك} وفي قول آخر له عليه السلام {لا تجعلوا علمكم جهلا، ويقينكم شكا، اذا علمتم فاعملوا، واذا تيقنتم فاقدموا} فاذا اجتمع العلم بالشئ واليقين في التنفيذ فلا بد من الاقدام، والا، فكم من خطة فشلت لان اصحابها تركوها في منتصف الطريق، او انهم ترددوا في الاستمرار بالالتزام بها، ولذلك جاءت الكثير من الروايات عن الرسول الكريم (ص) وائمة اهل البيت عليهم السلام تتحدث وتلح في التركيز على هذا المفهوم الحضاري، فعن رسول الله (ص) {ان احب الاعمال الى الله ما ديم عليه وان قل} لماذا؟ لان الاعمال بخواتيمها، على حد قول امير المؤمنين عليه السلام الذي يقول {العمل العمل، ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة، ثم الصبر الصبر، والورع الورع، ان لكم نهاية فانتهوا الى نهايتكم} اما الامام محمد بن علي بن الحسين السبط الباقر عليه السلام، فيقول بهذا الصدد {احب الاعمال الى الله تعالى ما دام عليه العبد، وان قل}. خامسا: التخطيط السليم، وهو الذي يعتمد العلمية ولغة الارقام والدراسات والابحاث بعيدا عن الارتجال والانفعال ولغة الانشاء والتخمين والتصورات الوهمية. سادسا: ان نمتلك ادوات التنفيذ، ومهاراته. سابعا: ان نتعلم كيف نتخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، او كما يسمونه علماء الاستراتيجية بمبدا (قبل فوات الاوان). يتساءل كثيرون عن سر فشلهم بالرغم من صحة القرار الذي يتخذوه، ناسين او متناسين، بان القرار، اي قرار، صنو الزمن، فلا يكفي ان يكون القرار صحيحا اذا لم يكن التوقيت صحيحا، والى هذا المعنى اشار امير المؤمنين عليه السلام في قوله {من الخرق المعاجلة قبل الامكان، والاناة بعد الفرصة}. ثامنا: ان نمتلك القابلية على ان نكتشف ونقرر ونخطط. تاسعا: ان نحسب دائما مقدار التضحية مع قيمة المنجز. عاشرا: ان نذهب الى التضحية لكل منجز، فلا ندعها تقتحمنا، فالناجح يحدد وقت التضحية وحجمها وطبيعتها، ليسيطر على الموقف دائما، اما الفاشل فان التضحية تفاجئه وتقتحم خلواته، ولذلك فهي، عادة، لا تنسجم مع حجم الانجاز. ربما بهذه الاستراتيجية يمكننا ان نتحول الى شعب منتج، فنتغير ونغير، ومن الله السداد. 3 حزيران 2009 يتبع | |
|