[right]
العلاقة الجدلية بين المثالثة والمثلوثة !!
بقلم : محمد خليل الحوري
في معركة الإنتخابات اللبنانية ، وفي توتر وتخوف البعض من الخسارة في الحصول على أصوات الأغلبية ، إرتفعت وتيرة التصريحات الساخنة ، والشحن الطائفي من قبل بعض الموتورين والمتوترين ، وإستخدموا كلمات وألفاظ وقاموا بتحركات وتصرفات مكشوفة ، بهدف إحباط عزيمة ومعنويات الطرف الأخر المنافس ، وإخترع هؤلاء الخائفون من خسارة مواقعهم المهزوزة ، التي إحتلوها نتيجة لتعاطف الناس معهم في السابق ، وإتضح فيما بعد بأنهم ليسوا أهلا للمسئولية التي منحت لهم من قبل الناخبين المتعاطفين معهم .
ومن بين الكلمات التي روجوا وطبلوا لها ، عبر وسائل الإعلام التابعة لهم ، وهي كلمة "مثالثة " وهي كلمة لو بحثت عنها في القاموس المحيط ، فلن تجدها أو تجد لها تفسيرا ، ولكون هناك من يطلق الكذبة ويصدقها ، فلقد إنتشرت هذه الكلمة في أوساط الأغلبية وصدقوها ، وهي تحمل في باطنها إتهام مبطن إلى المعارضة ، ويريدون بها توجيه الإتهام لها ، أو الإساءة لها والتشكيك في نواياها وأهدافها .
وما يقصدونه هو بأن هناك فئة من المعارضة ، ويقصدون بها كتلة الوفاء للمقاومة وحركة أمل ، ويوجهون لهما إتهاما بأنهما يسعيان ليكونا شريكا ثالثا في الحكم في لبنان ، بعدما كان مناصفة بين المسيحيين والمسلمين بحسب ما أتفق عليه في الميثاق والدستور ، ولتصبح السلطة في لبنان مقسمة أو مشاركة بين ثلاث فئات بدلا من إثنتين ، وهو شحن طائفي يراد به تشويه سمعة تلك الفئة والمعارضة المتضامنة معهما ، في خضم معركة الإنتخابات الحاسمة ، التي تتصاعد فيها وتيرة الإنفعال والتوتر والشحن .
وخاصة بأن موعد الإنتخابات قد بات قريبا جدا ، فالسابع من يونيو / حزيران قد أصبح على البواب ، ولكونها مرحلة مصيرية وحاسمة ، ستوضع فيها النقاط على الحروف ، وسيقول الشعب كلمته الأخيرة عبر صناديق الإقتراع ، وساعتها لن تنفع المماحكات والمشاحنات والإتهامات ، ولا الأموال التي بذلت لشراء الأصوات والذمم ، ولا التدخلات الأقليمة والأجنبية ، التي جند لها على أعلى المستويات . وإن لم يكن لنا في الأمر – ناقة ولا جمل - لكننا نتمنى دائما بأن يفوز الأفراد والجماعات والأحزاب ، الذين يمتلكون الكفاءاءت والقدرات ، لتحقيق العدالة والحرية والمساواة لشعوبهم في أية إنتخابات كانت ، سوى في لبنان أو في جنوب أفريقيا أو حتى في موريتانيا أو في الصومال ، ولا تهمنا إنتماءاتهم الطائفية أو المذهبية أو الإثنية أو الدينية ، فكل من ذنبه على جنبه – كما يقال – ونحن نؤمن دائما بمقولة " البقاء للأصلح والأقوى " مع وجوب الإقتران والإلتزام بالنزاهة والعدالة والحرية والمساواة بين الشعوب .
نعود إلى صلب الموضوع ، وهو ما هية العلاقة الجدلية بين المثالثة والمثلوثة ، كما جاء في عنوان المقالة ، فالمثالثة ليس لها تعريفا أدبيا أو سياسيا ، وربما لن تجد لها تفسيرا حتى في قواميس اللغة المشهورة ، ولكنها في واقع الأمر قد أطلقت جزافا ، من قبل من لا علم له ولا دراية بقواعد اللغة العربية ومشتقاتها ، فقد يكون من أطلقها متأثرا بالبيئة ، أو بما هو موجودا في البيئة من أكلات شعبية مثلا ، وقد تكون هي أكلته المفضلة ، فالمثلوثة ، هي أكلة شعبية مشهورة جدا في السعودية ، فلربما يكون هذا الشخص قد إشتق كلمته المثيرة للجدل من أكلة " المثلوثة " أو إنه قد تعقد من فرض "الثلث المعطل " من قبل المعارضة ، التي أصرت وألحت عليه ردحا من الزمن ، حتى تم تطبيقه في أخر حكومة توافقية في لبنان ، أو إنه قد تعقد من الرقم ثلاثة ، وراح يحوره ويستخرج ويشتق منه كلمات جديدة ، ويطلقها جزافا - حسب فهمه وتفسيره - دون أن يعرف معناها أو ما تؤوول إليه .
ومن المعروف بأن حزب التيار الوطني الحر قد رفع شعار : -
" الجمهورية الثالثة " كشعار لبرنامجه الإنتخابي ، ويقصدون بالجمهورية الثالثة ، الحكومة القادمة التي سيتم تشكيلها ، إذا ما فازت المعارضة ، وستكون بمثابة جمهورية جديدة ستلد بعد الجمهورية الثانية التي ولدت بعد إتقاق الطائف ، وإنتشلت البلاد من آثار الحرب الأهلية المدويّة ، وكذلك ستكون الجمهورية الثالثة ، هي من ستنتشل لبنان من كل تلك المماحكات والمشاحنات والخلافات ، وتمنع التدخلات الأقليمية والأجنبية ، وهدفها الأساسي هو الإصلاح والتغيير ، وسينعم الشعب اللبناني – بكافة طوائفه وفئاته - بالهدؤ والأمن والإستقرار ، وبالعدالة والحرية والمساواة في ظلالها .
وهكذا إستغلت الأغلبية وقوى الرابع عشر من آذار هذا الشعار ، وراحوا يفسرونه – حسب أهوائهم – وينشرون ويروجون إلى كلمة "المثالثة" كما ذكرنا سابقا ، لتحريض الناس وتخويفهم وشحنهم على المعارضة ، والترويج بأن السلطة ستكون موزعة بين ثلاث فئات ، وهي ( المسيحيين والسنة والشيعة ) ، وهناك - بالطبع - من سيخسر جزء كبير من حصته في السلطة ، كما يروجون لذلك لأهداف وأغراض إنتخابية محضة ، تدخل ضمن " الحرب النفسية " والحملات الإعلامية المضادة ، للنيل من الخصم وإحباط معنوياته ، وتشويه سمعته لدى الناخب المحلي ، ولدى الرأي العام العالمي .
وهناك من يهوّل ويضخم هذه التسمية ، ويتهم " حزب الله " بأنه يسعى لإقامة دولة المقاومة أو جمهورية المقاومة ، لتكون جمهورية ثالثة ، بعد الجمهورية السورية والجمهورية الإسلامية ، وهي من ضمن التصريحات الإنفعالية والإرتجالية والمتوترة ، التي ترتفع نبراتها وتتصاعد ، تحت تأثير موجة الإنتخابات المحمومة .
والجدير بالذكر بان مصطلح " الجمهورية الثانية " قد أطلق بعد أن تم إجراء تغييرات على الدستور الفرنسي لأول مرة ، بعد إنتصار الثورة الفرنسية وإعلان الجمهورية الفرنسية ، وفي لبنان أطلق مسمى " الجمهورية الثالثة " على حكومة دولة الرئيس " سامي الصلح " في زمن رئيس الجمهورية " اللواء فؤاد شهاب " ولكن هناك من يتصيّد في الماء العكر ، وخاصة في مثل تلك المعارك الإنتخابية المحمومة ، التي تشهدها جمهورية لبنان هذه الأيام .