أميركا تضرب عصفورين بحجر واحد...!!
بقلم: محمد خليل الحوري
أنهى البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمة له إلى الكيان الصهيوني، ليس من أجل الضغط على ذلك الكيان، ليوقع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية شأنه في ذلك شأن كافة دول المنطقة ودول العالم الأخرى، وليس لتفتيش المنشآت النووية أو لزيارة تلك الأماكن أو على أقل تقدير مفاعل ديمونة الذي سمحوا له بالنظر إليه من الجو، وبرر البرادعي ذلك بقوله بأن المفاعل لا يزال خارج إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو ليتأكد بنفسه عن إتهامات الدول الأخرى لذلك الكيان، بأنه يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية، ويعتقد بأن ذلك الكيان يمتلك ما بين 100 و200 رأس نووي وقنابل تكتيكية ، وتنتج حالياً من المواد المشعة ما يكفي لصناعة من 10 الى 12 قنبلة نووية سنوياً وغيرها من أسلحة كيمـاوية وبيولوجية وقنابل هيدروجينية، وما كشف عنه التقني النووي الإسرائيلي مردخاي فنونو يفوق ذلك بكثير، و يسعى حالياً – الكيان الصهيوني- لإنشاء مفاعـل نووي جديد، ويرفض أن ينفي أو يؤكد وجود أسلحة نووية لديه.
وصرح البرادعي بأنه يتفهم ما يعانيه ذلك الكيان الغاصب من قلق أمني ، لكونه مهددا من جيرانه العرب، والدول الإسلامية الأخرى. ويبرر البرادعي زيارته للكيان الصهيوني بأنه يسعى لتقديم نصيحة لذلك الكيان الغاصب للقدس، ولتحسين الوضع الأمني في منطقة الشرق الأوسط وتجريد المنطقة من أسلحة الدمار الشامل وهذه الزيارة في واقع الأمر قد جاءت نتيجة لضغوط أميركية على تلك الوكالة، التي أصبحت عرضة للضغوط الأميركية، وورقة رابحة بيد أميركا تلوح بها وتستخدمها كل ما دعت الضرورة لذلك، والدليل على ذلك هو تصريحات البرادعي المتناقضة حول تعاون إيران مع تلك الوكالة، والتبريرات التي أدلى بها تجاه الكيان الصهيوني، والهدف الرئيس من تلك الزيارة هو تقديم خدمة مجانية للكيان الصهيوني ودر الرماد في العيون، وخداع الرأي العام العالمي، وإظهار ذلك الكيان بأنه ليس فوق الشبهات، وليس فوق القوانين الدولية، وإن تلك الوكالة تعامله وتتعامل معه، كما تتعامل مع أية دولة أخرى في العالم، ولا يحق لكائن من كان أن يتهم تلك الوكالة بأنها تتعامل بمعايير ومكاييل مختلفة.
وتركزت مباحثات البرادعي مع المسئولين الصهاينة حول سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية، وأكدوا بأن باستطاعة إيران أن تمتلك القنبلة النووية خلال أربعة أعوام، كما صرح رئيس الاستخبارات الصهيوني بذلك، وإن ذلك الكيان يعيش في قلق دائم، لتأكده بأن إيران ستستخدم أسلحة نووية ضده – إن آجلا أو عاجلا - وإنه مهددا من عدة جهات، وذلك بهدف القفز على الواقع وقلب الحقائق، والتغطية والتهرب عن كشف او الإفصاح عن بعض ما يمتلكه من أسلحة نووية، ولكسب عطف وتعاطف الرأي العام العالمي معـه.
وفوق هذا وذاك، لإفساح المجال للولايات المتحدة الأميركية، والدول الأوربية الأخرى المتعاطفة معها، للضغط على إيران وربما دول أخرى في المنطقة، لتوجيه الاتهامات إليها وبأنها تسعى لإنتاج الأسلحة النووية، وتعطي أميركا لنفسها الحق في مهاجمة تلك الدول، أو تدفع بالكيان الصهيوني وتعطيه الضوء الأخضـر، من أجل توجيه ضربة وقائية لتدمير المفاعلات النووية في إيران على أقل تقدير، كما قام الكيان الصهيوني في السابق بضرب المفاعل النووي في العراق في ظروف غامضة، والتي أسدل عليها الستار، ولم تظهر أية ردة فعل من جانب النظام العراقي السابق، وظلت الحقائق طي الكتمان حتى يومنا هذا.
فهل ستقدم أميركا على مهاجمة المفاعلات النووية في إيران؟ وتنيط بهذه المهمة الخطيرة للكيان الصهيوني للقيام بها نيابة عنها، وتكون بذلك قد ضربت عصفورين بحجر واحد، وهو أولا: تقديم خدمة جليلة لذلك الكيان المهدد من قبل إيران وغيرها من الدول – كما يزعم الصهاينة، وبذلك يمحو ويزيل قلقه وتخوفه، من أية تهديدات خارجية. وثانيا: توجيه ضربة لذلك النظام الذي يقلق تواجد أميركا ويقض مضاجعها، ويهدد سلامة وأمن ربيبتها، دون أن تأخذ في اعتبارها ما ستؤول إليه النتائج والتداعيات من جراء ذلك ، وكيف ستكون ردة الفعل الإيرانية؟ أم إنها – أميركا - ستظل على وضعها الحالي، وستكتفي بالتهديد والوعيد وبالضغط والتحريض على إيران، وتأليب الدول الأخرى والرأي العام العالمي عليها ، مع العلم بأن الانتخابات الرئاسية الأميركية باتت وشيكة، وإن شعبية بوش أضحت في تنازل مستمر، ولقد بدأ العد التنازلي بالفعل لخوض غمار تلك الانتخابات الرئاسية.