في حوار شامل وصريح اجرته معه شبكة الفيحاء الاخبارية:
نـــــــزار حيدر يحمل مجلس النواب مسؤولية الخلل في قانون الانتخابات
*ظاهرة الحبوبي قابلة للتكرار، اذا فشل الفائزون مرة اخرى
*يجب ان لا نبقى اسرى الماضي، فنعرقل التقدم
*كنا نتمنى ان تقضي نتائج الانتخابات على المحاصصة، ولكن...
*على القوى السياسية المشاركة في الحكومة ان تلتزم ببرنامجها
*على ايتام النظام البائد ان يعوا ما يجري اليوم في العراق الجديد
*العراقيون صوتوا للمنجز من الاعمال، وليس للشعارات
*على مجلس النواب ان يعجل في تشريع قانون الاحزاب
*ينبغي ان لا يتكئ المرشح على قوائم الضحايا او على نسبه
*المرجعية الدينية تحملت مسؤوليتها من خلال الرقابة والترشيد
*العراقيون في اميركا، يشتكون من قلة اهتمام الدولة العراقية بهم
*لقد اثبت صندوق الاقتراع قدرته على معاقبة المسئ من خلال حجب الثقة عنه، وتكريم المضحي من خلال تجديد الثقة به، بغض النظر عن اسمه وانتمائه وهويته
*لقد ناضلت ضد الديكتاتورية قرابة اربعة قرون حتى رايت زوالها، وساظل اناضل ضد الفكر الوهابي التكفيري حتى ارى زواله
توطئة
اجرى محرر (شبكة الفيحاء الاخبارية) الزميل اثيل فوزي، حوارا شاملا وصريحا مع نــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، عن مرحلة ما بعد الانتخابات المحلية التي جرت مؤخرا في العراق، وواقع النتائج المحسوبة والمعلنة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات،
كما جرى الحديث عن واقع المؤسسات الاعلامية العراقية ما بعد عملية التغيير، وحال الجالية العراقية في الولايات المتحدة الاميركية، وقضايا اخرى هامة.
ادناه، نص الحوار:
السؤال الاول:
هل سيشهد الاتفاق على تشكيل الحكومات المحلية، تاخيرا كما يحصل الان في اختيار رئيس مجلس النواب؟.
الجواب:
نعم، اعتقد ذلك لسببين:
الاول؛ هو عدم حصول اية قائمة من القوائم المتنافسة على الاغلبية المطلوبة لتمكنها من تشكيل هيكلية المؤسسة المحلية بشكل مريح.
فباستثناء البصرة والموصل، فان بقية المحافظات فازت فيها عدة قوائم، ما يضطرها للتوافق والتحالف مع بعضها لتتفق على بناء المؤسسات المطلوبة، وهذا ما يدخل الفرقاء في لعبة المحاصصات مرة اخرى.
الثاني؛ هو ان الفائزين في المحافظات تربطهم امتدادات سياسية مع الفرقاء في العاصمة بغداد، ولذلك فان من الصعب ان يتخلصوا من الثنائي المشؤوم الذي ظل يحكم العلاقات بين الفرقاء الحاكمين في بغداد، ان في الحكومة او تحت قبة البرلمان او في مجلس الرئاسة، واقصد به ثنائي (التوافق والمحاصصة) سئ الصيت، والذي ظل يعرقل سير العملية السياسية الى الامام بشكل اسرع، وافضل.
كنا نتمنى ان تساهم هذه الانتخابات في القضاء على هذا الثنائي، ولكن، ما كل ما يتمنى المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
ان النتائج لم تسعف احدا في ذلك.
السؤال الثاني:
كيف تقرا زيارة الشيخ رفسنجاني للعراق؟ ولقائه ببعض اطياف الشعب العراقي دون الاخرين؟ وكما تعلمون فلقد شهدت الساحة العراقية حساسية مفرطة ازاء ايران من قبل بعض الكتل السياسية واطياف الشعب العراقي؟.
الجواب:
لزيارة الشيخ رفسنجاني الاخيرة الى العراق، اهمية استراتيجية تصب في مصلحة العلاقات العراقية الايرانية، وهي، كما ارى، ستؤسس لعلاقة متينة ومستقرة ومتميزة بين البلدين الجارين ستقفز على مخلفات الماضي، وتنتقل بها الى المستقبل، وذلك، لما يتمتع به الشيخ رفسنجاني من ثقل سياسي كبير في ايران، فهو، كما نعلم، رئيس اعلى مؤسسة دستورية بعد مؤسسة القائد، الا وهي مجلس تشخيص مصلحة النظام.
هذا بالرغم من ان الزيارة صاحبها بعض القيل والقال من قبل اكثر من طرف، فالمعترضون على الزيارة على عدة انواع:
فقسم منهم يحاول باعتراضه الضغط على بغداد لتفتح كل الملفات العالقة بين البلدين، والتي يتصورون بان الجانب العراقي لم يجرؤ الى الان على فتحها مع الجانب الايراني، لسبب او لاخر.
وقسم يحمل الشيخ رفسنجاني مسؤولية استمرار الحرب العراقية الايرانية والتي كان النظام الشمولي البائد قد شنها واشعل اوارها بين البلدين، ولذلك فهو حاول باعتراضه على الزيارة ان يبدي موقف الامتعاض من ذلك.
وهناك قسم ثالث يتعامل مع كل شئ اسمه ايران، او قادم من ايران او له علاقة بها، بتشنج طائفي وعنصري يتمثل الامتداد الطبيعي لسياسات النظام البائد، التي ظلت تؤجج النار بين البلدين وبين الشعبين الجارين اللذين تربطهما علاقات تاريخية ودينية وحضارية وطيدة، من خلال الشعارات العنصرية والاعلام الطائفي المضلل (بتشديد وكسر اللام الاولى).
شخصيا، فانا قد اتفهم، وربما ابرر، موقف المعترضين ايا كانت دوافعهم وآراءهم، اذ ان من حق اي مواطن عراقي ان يبدي رايا في مثل هذه القضايا التي تخص بلده، ولكنني لا استطيع ان ابرر موقف الطائفيين والعنصريين الذين يتمثلون سياسات النظام البائد، هؤلاء الذين لا زالوا يعيشون عقدة الماضي، بانتظار ان تعود عقارب الساعة الى الوراء.
ان على امثال هؤلاء ان يتيقنوا بان عراقا جديدا قيد البناء والتاسيس، ليس فيه للمواقف الطائفية والعنصرية المتشنجة مكان، تلك المواقف التي كانت السبب لشن النظام البائد حروبه العبثية ضد جيرانه، وقبل ذلك ضد الشعب العراقي في الشمال والجنوب.
على هذه النماذج، وهي في اغلب الاحيان من ايتام النظام البائد، ان تعي ما يحصل في العراق الجديد لتستوعبه، لتتخلص من ارث الماضي وعقده الطائفية والعنصرية، التي بنيت على مبدا التضليل القائم على قاعدة اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، واحيانا اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فانا قد اتفهم موقف بعض الفئات الشعبية المعترضة على هذه الزيارة، والتي عبرت عنه بتظاهرة هنا او تجمع او ما اشبه هناك، الا انني لا استطيع ابدا ان اتفهم موقف الرفض الذي ابدته بعض القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، والتي لها علاقات حسنة مع طهران تمثلت بزيارة عدد من رموزها وقادتها الى الجمهورية الاسلامية في اوقات مختلفة مضت ولقائها بالقادة هناك، ومن ابرزهم الشيخ رفسنجاني، فماذا يعني مثل هذا الموقف الذي يتناقض حتى مع توجهاتها السياسية العامة؟.
اوليس من المفترض ان تلتزم القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، وخاصة المشاركة في الحكومة، وعلى اعلى المستويات، بالسياسات العامة للدولة العراقية؟ فاذا كان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء قد استقبلوا ضيف العراق الشيخ رفسنجاني، وابدوا كل هذا الترحيب والحفاوة في الاستقبال، فاليس من اللازم على بقية رموز القوى السياسية المشاركة في الحكومة ان تبدي موقفا مماثلا لتؤكد التزامها بالسياسات العامة التي ترسمها الحكومة العراقية فضلا عن مجلس الرئاسة؟.
يؤسفني جدا ان ارى مثل هذه القوى تتعامل مع الزيارة بنفس طائفي بغيض.
السؤال الثالث:
حول قانون انتخابات مجالس المحافظات، فكما شاهدنا ان اكثر المحافظات، وبسبب هذا القانون، قد تم اهمال الكثير من القوائم بسبب عدم حصولها على القاسم الانتخابي حيث شكلت الكيانات التي اهملت اكثر من نصف الناخبين في كل المحافظات، فهل تعتبر هذه الحالة صحية؟.
الجواب:
لا شك ان في قانون الانتخابات الحالي ثغرة كبيرة جدا، يجب ان لا تستمر كما هي عليه الان، وان هذه الثغرة هي التي تسببت بكل هذا الخلل في نتائج الانتخابات، فهي التي اضاعت الكثير من الاصوات، وهي التي تسببت بخسارة مرشحين لم يحصلوا على ما يسمى بالقاسم الانتخابي، بفارق صغير جدا، ان لم نقل بفارق تافه، لتمنحها الى مرشحين لم يحصلوا الا على اللمم من الاصوات، بعضهم لم تتجاوز عدد الاصوات التي حصل عليها بضعة مئات.
وانا شخصيا احمل مجلس النواب العراقي مسؤولية وجود هذه الثغرة في القانون، لانه هو الذي ناقشه وهو الذي اجرى التعديلات عليه وهو الذي صوت عليه، ولذلك، فمن الناحية الدستورية والقانونية يكون مجلس النواب هو المسؤول حصريا عن ذلك.
اما المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فان دورها ينحصر في تنفيذ القانون وليس في تشريعه، ولذلك، فانا اعتقد بان المفوضية انجزت مهمتها على احسن ما يرام، في اطار القانون (قانون الانتخابات) الذي لم يكن لها دور في تشريعه.
لقد نبهت، عندما كنت في زيارة للعراق العام الماضي وكان قانون الانتخابات وقتها معروضا على النواب لمناقشته وتعديله قبل التصويت عليه، الى هذا الخلل، ولقد وافقني الكثير على ذلك، وكان بامكان مجلس النواب ان ينتبه اليه ويصححه قبل تمريره، ولكن، وحسب معلوماتي من خلف الكواليس، فان من يسمون انفسهم باللاعبين الكبار، سعوا بهذه الثغرة الى ان يستحوذوا على نتائج الانتخابات، من خلال الدخول اليها من الشباك اذا كان دخولهم اليها من الباب متعذرا، وهذا ما حصل، فلقد راينا كيف ان من فاز منهم بنسبة (14%) فقط من النسبة العامة، اذا به يحصد (28%) من عدد المقاعد، وان ذلك ما كان ليحصل لولا هذه الثغرة الخطيرة الموجودة في القانون.
اتمنى ان يعيد مجلس النواب العراقي قراءة القانون من جديد، لنتجاوز الثغرة القاتلة في الانتخابات القادمة، والا، فلو بقي على حاله الحاضر، لفقد ثقة المواطن به، طبعا، هذا بالرغم من ان الناخب العراقي تمكن من الافلات من الثغرة بنسبة معقولة، فانزل العقاب بقوائم (اساسية) الا ان الذي نتمناه هو ان تعاد صياغة القانون بما ينسجم بشكل افضل مع الاحجام الحقيقية لكل القوى والقوائم، فلا يغبن احد ولا يستاثر احد، فليس من العدل والانصاف ان تمنح قائمة ما من القوائم الكبيرة اصوات قوائم اخرى صغيرة، وكأن الحوت ياكل الاسماك الصغيرة، أهو قانون البحار، ام ماذا؟.
لقد كنت قد كتبت، قبل عدة سنين، في موضوع الانتخابات وقلت ان قاعدة (صوت واحد لمواطن واحد) هي القاعدة المثلى للديمقراطية، ولا يمكن تحقيق هذه القاعدة الا من خلال قانون يشرع نظام القائمة المفتوحة والتي تتيح للناخب اما ان يرشح العدد المطلوب لمجلس كل محافظة، اذا كانت المحافظة دائرة انتخابية واحدة، او العدد المطلوب لدائرته الانتخابية في المركز او القضاء او الناحية، اذا كانت كل محافظة مقسمة على عدة دوائر، وبذلك فسياخذ كل مرشح حصته من الاصوات التي يضعها الناخبون في صندوق الانتخابات من دون زيادة او نقصان، وسيفوز بالنتيجة من حصل على اعلى الاصوات حسب التسلسل.